کد مطلب:18145 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:204

المنکرون لها
و الفرقة الثالثة: هم الذین كذبوا بأحادیث الوصیة من الأساس، لأنّهم علموا أنَّ شیئاً من تلك التأویلات لا یجدی نفعاً، و لأن التصدیق بها أو تصحیح طرقها یزلزل شرعیة الخلافة، و یضع مزیداً من علامات الاستفهام أمام مشروعیة جمیع الحكومات التی تلت عصر الرسالة سواء أكانت سقیفیّة أم أُمویة أم عباسیة، ومن هنا فقد اجتمع هؤلاء علی الإنكار و الكتمان والتضعیف و غیرها من الأسالیب.

روی الطبری فی حوادث سنة 169 من تاریخه بالاسناد عن أبی الخطاب قال: لما حضرت القاسم بن مجاشع التمیمی [1] الوفاة، أوصی الی المهدی، فكتب (شَهِدَ آللّهُ أَنَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إلی آخر الآیتین 18و 19 من سورة آل عمران، ثم كتب: والقاسم بن مجاشع یشهد بذلك، و یشهد أن محمّداً عبده و رسوله صلّی اللّه علیه و آله و أن علی بن أبی طالب وصی رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله ووارث الإمامة بعده.

قال: فعرضت الوصیة علی المهدی، فلما بلغ هذا الموضع رمی بها و لم ینظر



[ صفحه 120]



فیها [2] و ذلك لأن التسلیم بها یعنی تسلیم العرش الذی یجلس علیه، هذا مع أن العباسین قد جاءوا بشعارات علویة، كان علی رأسها: الرضا من آل محمّد صلّی اللّه علیه و آله، فكیف بغیرهم؟

و یمیل أصحاب هذا الاتجاه الی رفض الوصیة بالكلیة، و إثارة المزید من الشبهات حولها، و استخدام مختلف أسالیب الكتمان و التحریف و التأویل، و تكذیب الأحادیث والأخبار الواردة فیها، و نسبة رواتها الی الضعف والكذب و الرفض، لإسقاطها من الاعتبار، إیغالاً منهم فی تكذیب الصحیح الثابت عن رسول اللّه صلّی اللّه علیه و آله، و كذباً علی الأُمّة بتزییف أقوال الرسول صلّی اللّه علیه و آله و نسبة أشیاء موضوعة إلیه فی الوقت الذی یعلمون فیه قوله صلّی اللّه علیه و آله المتواتر: «من كذب علیّ متعمّداً فلیتبوّأ مقعده من النار» و فیما یلی نذكر بعض أسالیبهم:


[1] قائد عباسي معروف، كان من النقباء الذين اختارهم محمّد بن علي صاحب الثورة في أول الدعوة العباسية، و نصبه أبو مسلم قاضياً و إماماً للصلاة منذ سنة 100 هـ و شارك في حروب بني العباس سنة 129 و ما بعدها، وكان علي ميسرة أبي مسلم في فتوحاته، و بقي و فياً لهم حتي وفاته سنة 169. راجع: تاريخ الطبري ـ حوادث سنة 100 و 129 و ما بعدها.

[2] تاريخ الطبري 4: 176.